القائد
غرفاوي ذهبي
عدد المساهمات : 633
تاريخ التسجيل : 01/02/2010
العمر : 34
الموقع : عدن
 | موضوع: الغرفة جبهة الادباء ... بن عون شاعر الحب والسياسه  الأحد أبريل 04, 2010 6:29 am | |
| سليمان بن عون الكثيري شاعر الحب والسياسه .
للكاتب الاديب على احمد بارجاء
اسمه و نسبه :
هو سُلَيمَان بن عَلِي بن عَون الكَثِيرِي , و ينتسب آل كَثِير إلى كَثِير بن " ظَنِّة بن عبد الله بن حَرَام بن عمر بن سَبَأِ الأكبر القَحْطَاني " 1 .
مولده :
وُلِدَ سليمان في اندونيسيا من أبٍ حضرميٍّ يمنيٍّ , و من أمٍّ إندونيسية , و لكن لا تُعرَف السَّنَةُ التي وُلِدَ فيها , و لعلَّه وُلِدَ في العقد الأخير من القرن التَّاسع عشر _ على أرجح الآراء _ لأنه حين توفَّى كان عمره في حدود 70 عاما .
انتقاله إلى حضرموت :
أرسل علي بن عون ابنه سليمان إلى حضرموت , كعادة الحضارم المهاجرين في دول جنوب شرق آسيا في إرسال أبنائهم إلى الوطن لتلقي العلم , و تربيتهم على قيم مجتمعهم و التخلق بأخلاقه , و إتقان اللغة العربية , و لم يُعرَف بالتحديد عمره حينذاك , و لكن يُروَى أن سليمان جاء إلى حضرموت و هو في سِنِّ الزَّواج , أي أنه في حدود الثامنة عشرة من عمره , و أنه تزوَّج و أنجب ناصرا أكبر أبنائه , و بعد أن عاش مدةً في حضرموت في مدينة الغرفة , عاد ثانية إلى إندونيسيا , إلا أنه لم يمكث بها طويلا , فعاد إلى حضرموت , مستقرا بها حتى وفاته .
و الحقيقة إن كثيرا من تفاصيل حياة الشَّاعر مجهولة , مع كونه من الشعراء المعاصرين ؛ و ذلك بسبب أن أحدا لم يدوِّن شيئا عنه , و مثله كمثل غيره من الشعراء الشعبيين .
ثقافته :
تلقى سليمان تعليمه الأول في الكُتَّاب , واستطاع أن يُلِمَّ بشيء من القراءة و الكتابة , و المطَّلع على خَطِّه الذي دَوَّن به شعره يلحظ أنه لم يكن قد أتقن الإملاء و الخط , و هذا شيء بديهي , إذ أن الكتاتيب آنذاك لم تكن قادرة إلا على إكساب التلاميذ شيئا من القرآن الكريم و شيئا من علوم الدين و شيئا يسيرا من علوم العربية 2.
و لكن ثقافة سليمان التي ظهرت آثارها في شعره , كانت وليدة اتصاله و احتكاكه برجال عصره من العلماء و الأدباء , و من حلقات الوعظ و الإرشاد و التذكير التي تعقد هنا و هناك في المناسبات المختلفة , و من خبرته بالحياة و قربه من مجتمعه و فهمه لتقاليده و أعرافه و قِيَمِه و مفاهيمه .
عصره :
عاش سليمان بن عون عصراً مليئاً بالأحداث المختلفة , فقد كانت حضرموت منقسمة إلى سلطنتين هما : السلطنة الكَثِيرِيَّة التي حكمت من الحوطة غربا إلى تريم شرقا , و الدولة القُعَيطِيَّة التي حكمت ساحل حضرموت و جزءا واسعا من الوادي يمتد من مدينة شبام شرقا حتى دوعن و وادي عَمِد و وادي العين , و أجزاء من شرق الوادي .
و كان على مقربة من الأحداث السياسية و الاجتماعية , كالصراعات السياسية و العسكرية بين السلطنتين قبل و أثناء و بعد اتفاقية الاستشارة ثم الحماية التي وقعتها السلطنتان مع حكومة عدن البريطانية , و لعله لم يكن راضيا عن الوضع السياسي المشطور في حضرموت بين سلطنتين متصارعتين , تفكر كل منهما في الانقضاض على الأخرى في تنافس محموم ينتج الموت و الدَّمار أكثر من تنافسهما في البناء و التعمير للبنيتين الفوقية و التحتية للمجتمع , و يتبين ذلك من روايةٍ يرويها يسلم عبيد مَصْعُوف المتوفَّى في شهر سبتمبر 2002م , مفادها أن حاكماً من حكام مدينة شِبَام من قِبَل الدولة القُعَيِطَّية استدعى سليمانَ بنَ عَونٍ ذات يومٍ للحضـور إليه , و عندما حضر بلَّغ الحارسُ الحاكمَ بوجود رجل يُدعَى سليمان بن عون يريد المقابلة , فأبلغه أنه هو الذي دعاه للحضور , و أمره بالسَّماح له , و نهض الحاكم لاستقبال الشَّاعر , و بعد أن تبادلا التحية , طلب من سليمان أن يقول شعراً , و إنه لن يقعد و لن يقعد الشاعر إلا بعد سماع القصيدة , و حاول سليمان الاعتذار و أنه جاء تلبيةً لدعوة , و لم يأت ليقول شعراً , و عندما رأى سليمان إصرار الحاكم , لم يكن منه إلا تلبية الأمر , و شدَّد الحاكم على كاتبه أن يدوِّن كلَّ ما يقوله سليمان من شعر بحيث لا تفوته منه كلمة , فقال سليمان :
عِـزَاك يا نُون الصَّـبا في ما ترى
في المَجِد و الرِّفعَـة و تاريخك قديم
هبَّت على الأحقاف رِيحِة صَرصَرَى
ريحِ العَذاب امحَت بِكُم رَا سِين مِيم
ينزل عليـكم ما نـزل في لَمْ تَـرَ
من حَجِر بِنْ دَغَّـار لا الغَنَّـا تَرِيم
و يبدو أن الحاكم لم يكن قد فَهِمَ مَرَامَ الشاعر , و عند انتهاء المقابلة مضى سليمان لحال سبيله , و لكن الحاكم طلب من عمر بن شيخ 3 ( مولى الغَيْل ) أن يجيب سليمانَ بشعر ردًّا على شعره , فاعتذر بحجَّة أنَّ الشاعر سليمان قد قال كلمةً لا يمكن الرَّدُّ عليها , و هي أن حكم القعيطي و الكثيري لا محالة زائل عن حضرموت , مَاحِياً لرسومهم , كما محى الله بالطير الأبابيل جيش أبرهة عن بيته العتيق , و أزالهم عنه بلا رجعة , و قد صدقت نبوءة الشاعر بعد حين .
و يتَّضح من هذه الرواية موقف الشاعر سليمان من نظام الحكم السائد في حضرموت , و عدم رضاه عنه بحال من الأحوال , و قد عبَّر عن موقفه هذا بشجاعة , و قال كلمته فيه بفمٍ ممتلئ أمام أكبر رأس في شِبَام , و لم يكن ليخاف فيما قاله لومة لائم .
كما شهد سليمان حركة استقلال عبيد بن صالح بن عبدات , ببلدة الغرفة عام 1945م , و يُعَدُّ ابن عبدات شيخ آل عبدات , أحد فروع آل عامر من فخـائذ قبيلة آل كثير الحاكمة , و شهد ما كان من حصار و قتال دار بين قواته و بين قوات الكثيري تساندها الطائرات البريطانية , حتى أعلن الاستسلام و هو يقول للضُّبَّاط الإنجليز : " نحن لم نسلِّم إلا لحماية السُّكَّان من قوَّتكم الكبيرة و بعد أن وقف أصحابنا منَّا موقفا سلبيا " , و غادر البلاد إلى عدن ثم إلى سنقفورة .
لم يصرِّح سليمان بموقف واضح حول قضيَّة ابن عبدات , و شخصيةٌ عامة كسليمان لابدَّ أنها ستزِنُ الأمور بميزان العقل و الحذر , و لن تعلن صراحةً عن وقوفها مع أحدٍ من الطَّرفين المتحاربين , و بخاصة أن السلطان كثيري و ابن عبدات كثيري و الشاعر كثيري أيضا , و تجمع الثلاثة رابطة القربى و النسب , و إن كانوا من فروع مختلفة , إلا أن الشاعر قد أظهر في بعض شعره خوفه و شفقته على ابن عبـدات , داعيا له بالنَّصر , و بهزيمة أعدائه , و بخاصة عند تدخُّل القوات البريطانية و حشر أنفها في الشؤون السياسية الداخلية للسلطنة الكثيرية , و لكن هذا الموقف قد عبَّر عنه الشاعر رمزاً و لم يصرِّح به ؛ لحساسية مكانته الاجتماعية و موقعه في فرع آل عون الكثيري الذي وقف موقف الحياد مما يحدث بين ابن عبدات و بين الدولة الكثيرية , في مثل قوله :
ذَا فَصِل يَا المِهلاَل عَاصِر عَاصَرِت كَمِّين مرَّه
تُفرُق قِدَامِ السَِّيل ما اهتزِّيت يا المِهلاَل
خايِف يِلَقُّونَك سُهُم وُ قِبَال دُمْ يا طَيِّبِ اللِّظْلاَل وُ الدَُّوم
في رُكْنِتَك كُلِّنْ يِخَابِر وُ قِبَالَها مِن طُول عَشرَه
مَصْيُون ما حَمَّل بَدَا مِن تَحتَك الجَمَّال
با تِبْطِيِ اقْبَالَك عَلَى اقْلُوبِ النَّجَر وَجْرَهْ وُ بَا تِمسِي عَلَى السَُّوم
و معنى البيتين واضح , و لكن الشاعر لا يقصد بالمهلال معناه الحقيقي , و هو العِلبُ ( شجرة السِّدر ) , و إنما يقصد ابن عبدات نفسه .
و ثمة أبيات أخرى لسليمان , يُروَى أنه قالها في صراع ابن عبدات مع خصومه , منها :
بِتْ مُبَارَك عُمَر يِحيَى عَلَِيها تِعَتَّر كم يِهَاوِي وُ يَخسَر
وُ انْصَبَُوا لُه عِيَالَ ابْلِيس فِي العُلُو مَربُون
ضَاعْ عَقْلِي عَلَيِّه عِندُكُم يَالْ سَيئُون
كِذِب نَطقَوا على يِحيَى وُ شُوا ذا مِزَوَّر ما بَدَا حِلُو قِد قَرْ
يعرف الدِّين كُلُّه ما غُلُط لِي يِعِيبُون
ضاع عقلي عليِّه عندكم يال سيئون
يِرهَب الخَصِم يِحيَى لا قِبِل مِثِل عَنتَر ناشِرِ السَِّيف لابْتَر
لا دَخَل فَُوق كَثْرَة قَُوم مِنُّه يِخَافُون
ضاع عقلي عليِّه عندكم يال سيئون
كما عاصر سليمان ضَربَ بريطانيا لبعض القبائل الثائرة بالطائرات , و مما يُروَى عنه قوله مشيرا إلى ذلك :
فَارِع مِنِ الشَّارِع نَشَر لَبتَر وُ لعَاد يِسَّـمَّى بَغَـاها الاَّ انقِـرِيزِيِّه
جَابِ القَنَابِل قَال وُ العَسكَر لا ذا الحَضَر
مِقبِل بهم وُ المحكَمَه حَقِّي بِسيئُون
رَوَّى العَرَب عِينِه لِقَى مَحشَر دَكدَك رِصَد وَ اهلُه كَمَا بآلات ناريِّه
و ابعِد فِيَِين الفَك مِنِ اسَّمَّر قُولُوا عَبَر
لي قِد عَبَر يِكفِي و تَُوبَه لا تِزِلُّون
الجَابِرِي شَدَّد شَدِيدَ اقَوَرْ وُ اصْلِيب مَا قَدَّى خَذَا بِالصِّيت عِزِّيِّه
نَاطَح جَبَل بِالله قِدْ كَبَّر لِي مَا اهْتَبَر
لا شَاف طَيَّارَه وَ لا عِندُه يِكُونُون
و عاصر سليمان أربعةً من سلاطين الدولة الكثيرية هم منصور بن غالب بن محسن ( ت 1347هـ / 1929م ) و تولَّى السلطنة من سنة 1870م إلى سنة 1929م , و علي بن منصور ( 1298 _ 1357 هـ ) و تولى السلطنة من سنة 1929م إلى سنة 1938م , و جعفر بن منصور ( ت 1949م ) و تولى السلطنة من سنة 1938م إلى سنة 1948م , و حسين بن علي ( ت 1976م ) 4, الذي أُقِيل عن الحكم في الثاني من أكتوبر سنة 1967م .
و في أيام الحرب العالمية الثانية ( 1945 _ 1949م ) عاشت حضرموت أعظم مجاعة في العصر الحديث , بسبب انعدام الواردات من السلع و البضائع , و ضعف الإنتاج المحلي للغذاء , و راح ضحية هذه المجاعة خَلْقٌ كثير , و هاجر خلق آخرون , وعانى سليمان أثناء هذه الحرب كثيرا , فقد انقطعت عنه التحويلات المالية من إندونيسيا التي كان يعتمد عليها في تدبير شؤونه الحياتية , و من القصص التي تُروَى , و فيها إشارة إلى خلو يد سليمان من المال , القصة التي دارت بينه و بين الشاعر مستور حمادي , و كانا قد تحدَّثا فيها شعرا , فحين لجأ إليه مستور يطلب بعض المال ليستعين به على الزَّواج من امرأة أحبها , قال له سليمان :
نِشْفِت علينا البِير بَتِّ الْمَا وُ هِي لِلنَّاس جَمْ تِرْوِي
هَيَّا غَدَوْ يا البِير شِي لِكبُود لِشْ مَرَّه ضَمَانِه
لَمَّا مَتَى جَارِ العَطَش عَ النَّاس وُ انتِي
في جِهِهْ كُلٍّ بِدَلْـوُه قَِيم عَطشَـان
كَم لِي وُ انا طَالِع مِجاهِد فِي الكُتُب يا ناس قَل فَهمِي
لِي هِي عليها جَم عَمَد بَاعطِيهَا لَمَّا بِالسَّلامِه
وَ الاَّ فِسِحْنَا فِي العِلَم خِيرِتْها خِيرِه
مِن مُعُه شِي فِي السِّنَن يِكفِي وُ لَرْكَان
مكانته الاجتماعية :
يكفي المرء أن يكون شاعرا كسليمان , ليجد من مواطنيه تقديرا و احتراما و مقعدا مبجَّلا بين رجالاته و أعيانه , و بخاصة في مجتمع ينقسم إلى فئات اجتماعية لعبت كلٌّ منها الدور المناط بها دينيا و سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا , و كان على سليمان و هو المنتمي إلى فرع آل عون من قبيلة آل كثير الحاكمة أن يقوم بدوره , و لعل كونه شاعرا مخلصا لشاعريته , لم يكن يندمج كثيرا في الصراعات السـياسية الدائرة و مماحكاتها , فعاش لفنِّه و لشعره , و لكن السياسيين و الحُكَّام كثيرا ما يقلقهم الشَّاعر , و للشعر آنذاك صولةٌ و جولةٌ , و له محبوه و متذوقوه , إلا أن هؤلاء المحبين للشعر المتذوقين له لم يكونوا فئةً من مثقفي المجتمع و حسب , إنهم الشَّعبُ كلُّه , حتى النِّساء القابعات خلف الأبواب و الأسوار , كل هؤلاء هم جمهور الشعراء , يشغفون بالشَّاعر و يتلهفون لسماع شعره و يتداولون ذلك الشعر فيما بينهم حفظا و رواية عن ظهر قلب .
لم يُترَك سليمان الشاعر ليكون شاعرا و حسب , فقد شاء السلطان أن يقلق راحته بشؤون المجتمع و همومه و حاجاته , و نجد بين أوراق الشاعر رسالة موجهة إليه من السلطان الكثيري حسين بن علي , آخر سلاطين الدولة الكثيرية محررة بتاريخ 24شوال سنة 1374هجرية , الموافق 15يونيو 1955م , يُعلِمُه فيها أنه اختاره ليكون عضوا في مجلس الدولة ممثِّلا لواءَ الحوطة بدلا عن محمد بَرَّيِّس بن طالب , و أنه عند انعقاد دورة المجلس الآتية سوف يقول التصريح الرسمي أمام زملائه من الأعضـاء , و لا يُعـرَف ماذا كان يعمل سليـمان قبل هذا التعيين , و مكث سليمان في عضـوية مجلس الدولة ست سنوات و شهرين , ثم قدم استقالته بخطاب وجهه إلى السلطان حسين بن علي بتاريخ 3 ربيع الأول 1381هـ الموافق 15 أغسطس 1961م , و على إثر هذا الخطاب تلقى سليمان خطابا موقعا من السلطان حسين بن علي بتاريخ 10 ربيع الأول و 22 أغسطس بالموافقة على قبول استقالته معبرا له عن شكره لخدماته الجليلة أثناء مدة عضويته في مجلس الدولة , و قد ظل السلطان الكثيري يبعث إليه التهنئة بالعيد حتى سنة 1384هجرية 1965م , و قد وُجِدَت بين أوراق الشاعر رسالتا تهنئة إحداهما بعيد الأضحى لسنة 1379هـ 1960م , و قد نَعَتَه السلطانُ فيها بالصَّدر أثناء عضويته في مجلس الدولة , و الأخرى بعيد الفطر لسنة 1384 هـ 1965م و نَعَتَه السلطانُ فيها بالشَّيخ , مما يدل أن الشاعر ظلَّ يحظى باحترام و تقدير السلطان .
و لم تكن مكانة الشَّاعر لدى القبائل الأخرى و غيرها من الفئات الاجتماعية بأقل من مكانته لدى السلطان , فقد تزوَّج إحدى بنات آل جابر القاطنين بقرية القَُوز 5 في وادي بِن عَلِي , الذي يذكره كثيرا في شعره , كما أنه تزوج من بلدة تريس 6 , و يروي عبد الرحمن عمر البحر أن سليمان قد تزوَّج سرًّا من امرأة من بلدة مَُوشَح , و كان يذهب إليها مُتخفِّيا مُتنكِّرا حتى لا يُعرَف .
و قد عقد الشاعر سليمان بن عون صداقاتٍ متعدِّدةً في وادي بن علي وسيئون و تريس و ذي أصبح و القرين 7 , و غيرها من مدن الوادي , و كان كثيرا ما يتردد عليها ؛ لحضور جلسات الدَّان الصَّباحيَّة و اللَّيليَّة .
كان الطرف الآخر في صداقاته من مختلفي المشارب و الاهتمامات , و لكن يظلُّ الشِّعرُ و اللَّحن و الغِنَاء و العِشقُ التي يجمعها فن الدَّان 8 , هي القاسم المشترك في كثير من هذه الصداقات , و كان منزله الواقع في عرض آل عون 9 ملتقى لهؤلاء المبدعين العُشَّـاق , ينظمون الشعر و يغنونه تزجيةً لأوقات فراغهم , و ترويحا لنفوسهم العاشقة الهائمة في ما خلقه الله من جمال كوني و بشري .
معاصروه :
عاش سليمان بن عون في العهد الرِّيادي للدَّان في صورته المعروفة اليوم , و هي التي يشار إليها عندما يُذكَر ( الدَّان الحضرمي ) , و لأنه أحد روَّاده فقد عاصر غيره من روَّاد هذا الفن من الملحنين و الشعراء و المغنين , من أمثال : الملحن بكري سعيد عبد الخير , و الملحن سعيد مبارك مرزوق ( 1911_ 1985م ) , و الشاعر الملحن أحمد با وزير , و الشاعر الملحن عمر بن حسن الكاف المعروف بـ( حَدَّاد ) ( 1906 _ 1968م ) , و المغني هادي أحمد با رمادة , و الشاعر عائض عبود بَلْوُعِل ( 1875 _ 1945م ) , و الشاعر المغنِّي مَسْتُور سُلَيمَان حُمَادي ( 1897 _ 1975م ) , و الشاعر عوض عبد الله بن عبدات الكثيري , و الشاعر سالم بن عبد القادر العيـدروس و الشاعر عبد بن عامر , و صديقه الأصدق الشاعر عمر عبدالرحمن البَحر , و الشاعر خميس سالم كِنْدي , و المغنِّي عوض حيمد با سعيدة , و المغنِّي أحمد عبيد الله , و المغنِّي عاشور هادي با شغيوان المعروف بالشَّنِّ , و المغنِّي عاشور أمان , و الشاعر محمد بن ناصر القعيطي , و غيرهم .
و إذا كان سليمان قد عاصر هؤلاء , فإنَّ لبعضٍ منهم صِلَةً خاصة به , و كانوا أقرب إليه من سواهم في أنه جمعته بهم جلسات الدَّان , كالشعراء حداد الكاف و مستور حمادي و عائض بلوعل , و يُعَدُّ الشاعر عمر عبد الرحمن البَحر المتوفَّى سنة 1979م , من أخصِّ الشعراء و أكثرهم قُرباً إلى نفس سليمان .
كرمه :
كان سليمان ثريا , يعيش على ما تدرُّه عليه أملاكه في إندونيسيا التي تركها له والده , و قد عُرف عنه كرمه , فكان يحسن على كل من يلجأ إليه طالبا رفده و عونه , فلا يبخل بما في يديه , و ربما أفنى ثروته بسببٍ من كرمه هذا , حتى أنه حين وافاه الأجل , مات و قد أفرغ ما في جيبه من الأموال .
وفاته :
كانت وفاة الشاعر سليمان بن عون في بيته بعرض آل عون في أواخر سنة 1965 م , أو في أوائل سنة 1966م 10 , و قد دفن في مدفن آل عون في منتصف الجهة الشرقية بمقبرة بلدة الغرفة .
المراجع--------------------------------------------------------------------------------
1 ) تاريـخ الدولـة الكثــيرية , محمد بن هاشـم 1, و ينظر : أدوار التاريخ الحضرمي , محمد أحمد الشاطري 2/24 , و يرى أحمد بن حسن العطاس في رسالة الأنساب أنهم ينتسبون إلى همدان , قال : " و أما همدان فهم آل كثير و مساكنهم بين شبام و سيئون و مريمة في القارة و يفل و باطن السرير و سيئون و مريمة " إلى آخر كلامه 8 .
2 ) أدوار التاريخ الحضرمي
3 ) شاعر من مدينة غيل أبي وزير الواقعة بين المكلا و الشحر في ساحل حضرموت , اسمه عمر بن شيخ بن مطهَّر با وزير , كان كثير التردد إلى وادي حضرموت .
4 ) ينظر : حضرموت عبر 14 قرنا , سقاف علي الكاف 65
5 ) من قرى وادي بن علي الراقع جنوب شرق مدينة شبام
6 ) بلدة تقع على سفح جبل غرب مدينة سيئون
7 ) ذي أصبح : بلدة تقع على الطرف الجنوبي لمسيل الوادي , إلى الشمال بين الفرفة و الحوطة , و هي من المدن القديمة , ذكرها الهمداني في صفة جزيرة العرب , و يطلق عليها اليوم ( دي صبح ) . و القَرَِين : قرية صغيرة تقع شمال شرق تريس .
8 ) فن من فنون الغناء التقليدي , يعتمد على المناظرة في قول الشعر ارتجالا بين أكثر من شاعر في أسمار ليلية , له شعراء و ملحنون و مغنون بارعون , و له قواعد خاصة به يختلف فيها عن غيره من الفنون .
9 ) من ضواحي بلدة الغرفة و مخترفاتها , يقع إلى الشرق منها
10 ) ذكر عبد الرحمن عمر البحر , أنه علم بخبر وفاة سليمان بن عون من رسالة بعثها إليه والده وهو مهاجر في السعودية , و قد أخبره والده في الرسالة , بوجود بلفقيه في حضرموت , و أنه زار بلفقيه في بيته بتريم و حضر له سمرا غنى فيه بلفقيه , و عبَّر في الرسالة عن أسفه و حزنه لعدم حضور سليمان بن عون لذلك السمر ؛ لأنه توفَّى قبل أسبوعين تقريبا , و يعتقد أن زيارة بلفقيه هذه كانت في حدود نهاية عام 1965م , أو بداية سنة 1966م , و عاد البحر إلى حضرموت في سنة 1967م . | |
|
